المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وداعا للطربوش


الحب
03-25-2010, 03:36 PM
الطربوش
، هو غطاء للرأس كالقبعة حمراء اللون أو من مشتقات اللون الأحمر بين الأحمر الفاتح والأحمر الغامق أو أبيض اللون وهو على شكل مخروط ناقص تتدلى من الجانب الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء.
نشأ الطربوش في المغرب ثم انتقل إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر. يسمى حالياً باللغة الإنجليزية والفرنسية والتركية واليونانية بـ (fez) يعني مدينة فاس المغربية.
يعتبر استخدامه حالياً مقصوراً على مناطق محدودة وعلى بعض الأشخاص وربما رجال الدين الذين يضيفوا العمة البيضاء أو الملونة السادة أو المنقوشة حول الطربوش.
هناك نوعان من الطرابيش بعضها تصنع من الصوف المضغوط (اللباد) أو من الجوخ الملبس على قاعدة من القش أو الخوص المحاك على شكل مخروط ناقص.
وقد يختلف شكل الطربوش ومقاسه من بلد إلى آخر، ففي سورياولبنانوفلسطين كان طويلاً وأشد احمراراً منه في تركيا، وقد شهد الثلث الأخير من القرن العشرين العديد من الطرابيش ذات الشهرة العظيمة، منها الأبيش، المهايني، العظمة، البكري، الحسيني، السبيعي، وغيرها.
أما في بيروت فقد اشتهر آل حيدر وآل ارسلان وآل الخازن وآل سلام وغيرهم من كبار العائلات ورجال الحكم بارتداء الطربوش والتفاخر به، حتى قيل ان المسؤول في الوزارة أو في مجلس النواب إذا كان لايرتدي الطربوش فلا يمكن ان يكون على مستوى المسؤولية والجدية في اتخاذ القرارات، حتى انه كان في بيروت مقهى لا يدخله الشباب إلا إذا كانت معتمراً الطربوش.
وفي فلسطين فإن العائلات الفلسطينية الكبيرة التي كانت منتشرة على مدن الساحل الفلسطيني، وفي المدن الداخلية مثل القدس ونابلس كانت ترتدي الطربوش رمزاً للجاه الاجتماعي، والمكانة الدينية والسياسية وما زال طربوش الحاج أمين الحسيني الزعيم الفلسطيني الذي قاد ثورة الفلسطينيين قبل عام 1948حاضراً في الأذهان.
ظل الطربوش مستخدماً في عدد من الدول العربية مثل المغرب، مصروسورياوفلسطينولبنانوتونس والجزائر وكان ضرورياً لاستكمال المظهر الرسمي إلى أن انتهى استخدامه نهائيا وبقي في سير الذاكرة الشعبية والتراثية.
أما في مصر فقد استعمل الطربوش، وبقي منتشراً حتى عام 1952، بعد ذلك انزوى نهائياً ولم يبق مه سوى الصور التذكارية، وقد اشتهر أفراد العائلات المصرية العريقة مثل عائلة سعد زغلول الزعيم الوطني المعروف، وحبيب باشا السعد، وفكري اباظة، رئيس تحرير المصور، وطه حسين ومصطفى لطفي.
وفي دمشق حالياً محلات معدودة لصناعة الطرابيش وترميمها بعد ان كان هناك حوالي 400محل.
يقول البعض ان الطربوش يوناني الأصل واتى به الأتراك إلينا، وقد استعملت القبعة الأجنبية بدلاً منه، ثم استبعدت لكونها دخيلة على تقاليدنا العربية، وليست من بيئتنا العربية.
يصنع الطربوش من الخام الخاص(الجوخ) ويوضع معه القش الذي يستعمل كعازل للرطوبة ويكسبه متانة أكثر، وقد يصنع بدون القش، ولكل رأس قالب خاص يتراوح ما بين 25سم و 75سم، ولصناعة الطربوش يأتي الصانع لتفصيل القماش اللازم على القالب، ثم يدخل إليه القش وتركب الشرابة السوداء ويكبس على الستارة، والعملية في مجملها تستغرق نصف ساعة.
حد أصحاب محلات بيع الطرابيش يقول في الماضي كنا نبيع 6000طربوش، أما اليوم فقد أصبح الطربوش من التراث، وكان سعره ليرة ذهبية، أما اليوم فقد ارتفع كثيراً ويعود ذلك إلى انقراض الطربوش وعدم وجود الصناع.
وكانت مصر إلي عهد محمد على باشا تستورد الطربوش من الخارج، إلي أن أنشأ محمد على في إطار برنامجه لتصنيع البلاد واستقلالها مصنعا للطرابيش في فوة، استغنت مصر به عن الاستيراد. وعندما حطم الغرب دولة محمد علي باتفاقية 1840 كان حريصا على تفكيك مصانعه بما في ذلك مصنع الطرابيش.
وقد اشتعلت معركة الطربوش على خلفية معركة أخرى أعم وأشمل بحثا عن هوية مصر: هل هي فرعونية ؟ أم إسلامية ؟ أم أنها تنتسب للبحر الأبيض المتوسط ؟
لم يعد أحد الآن يدعو إلي الطربوش. إلا أن رائحة المعركة القديمة ما زالت تسري في مناخ حاضرنا. وما زال البحث جاريا في ظروف جديدة عن هوية مصر، وما إن كان الطربوش أليق بها أم القبعة؟ وهل ينبغي أن نبحث عن صورة مصر في الماضي الإسلامي أم في ثقافة البحر الأبيض المتوسط، أم في الماضي الفرعوني، أم بالارتباط الوثيق بالقبعة الأوروبية؟ لكن صورة مصر لن تتضح إلا باشتباك مصر – ليس مع قبعات وطرابيش الماضي – ولكن مع مشكلات حاضرها ومستقبلها. وبهذا الاشتباك وحده قد تجد مصر نفسها.. وتعرف.. من تكون؟ وحينئذ ستصبح قادرة على حب أبنائها والعطف عليهم، لأنها ستكون قد عثرت على نفسها.
سار باحث أو مراقب أو سائح في شوارع العاصمة الأردنية عمان هذه الأيام بحثاً عن شخص يلبس الطربوش فربما لن يعثر على ضالته.
فلباس الرأس الشهير الاسطواني الشكل والأحمر اللون في الغالب انقرض من فلسطين والأردن ومصر وسورية ولم يعد أحد يرتديه كزي رسمي كما كان عليه الحال في العقود الأولى من القرن الماضي.
وهذا الحال يكاد ينطبق على بقية البلاد العربية وعلى العواصم والمدن العربية في فلسطين ومصر وبلاد الشام كافة التي اعتاد أبناؤها من أجيال مضت وممن لا يزال بعضهم على قيد الحياة على لبس الطربوش وتفضيله على غيره من أزياء غطاء الرأس الأخرى مثل "الكوفية" والغترة والعقال أو الطاقية وغيرها.
ما زال صنع الطريوش الأصلي قائما إلى الآن في مدينة تونس قي محل وحيد كائن بنهج القصبة عدد187 مكررلصاحبه بلحسن الطرودي ويسمى الطربوش في تونس (شاشية مجيدي) نسبة للسلطان عبد المجيد وشاشية اسطمبولي نسبة لاسطمبول.
قالوا عن الطربوش فى سوريا

«الطربوش» من عادات أهل دمشق التي آلت إلى الزوال
قرأت الكثير عن مدينتي دمشق الموغلة في العراقة والقدم، باعتبار أنها عاصمة الثقافة العربية لهذا العام 2008فقد استحضرتني الذاكرة لأكتب عن بعض من عادات أهلها القديمة.

وفي هذه الأمسية كنت أستمع إلى المذياع ـ صديقي ونافذتي على العالم ـ من إذاعتها فبثت أغنية تتحدث عن دمشق ومن كلماتها(ياشام يامدخل سوق الحميدية والطرابيش والدراويش)، فعدت بذاكرتي إلى زمان كان يعتمر فيه رجال دمشق الطربوش الذي لم نستطع تأكيد أصله، إذ يقال إنه تقليد يوناني انتقل إلى تركيا ومن ثم إلينا أثناء الحكم العثماني لبلاد الشام الذي استمر لأربعة قرون وهو زمن ليس بالقصير لنتأثر بذلك الاحتلال وتنتقل مظاهر ذلك التأثر إلى كثير من أمور حياتنا اليومية.

فالطربوش كان من مقاييس الوجاهة والرجولة المطلقة للرجل، حتى أن الأطفال حينما كانوا يبلغون سن السابعة، بل مادون، كان أهلهم يضعون الطرابيش على رؤوسهم تفاؤلاً ببدء سن الرجولة. ‏

وكان في دمشق تقليد خاص بالختان(الطهور)للذكر فلا تجرى له عملية الختان قبل بلوغه سن السابعة أو مافوق أحياناً وذلك للاحتفال بهذا الحدث إذ يرتدي(المختون)القنباز ويتزنر(بالشملة) وهي قطعة قماش يلف بها الخصر على مقدار من العرض ويزين رأسه بالطربوش، ولهذه المناسبة طربوش خاص فهو مطرز ومزين بالورد على محيطه، ويمتطي المختون الحصان أو«العربية»مع أهله ويطاف به بالحي الذي يقطنه والأحياء المجاورة إعلاماً وإشهاراً وابتهاجاً بهذه المناسبة، أو ربما لتخفيف ألمه، وقد رأيت هذه الظاهرة في ثمانينيات القرن الماضي في مدينة(أزمير)التركية أثناء جولة فيها برفقة زوجي(رحمه الله). ‏

وأذكر مما أذكر أن والدي كان يتأخر أحياناً عن ذهابه إلى عمله صباحاً لأنه يفتقد طربوشه ولايجده فأخي الصغير كان يغافلنا ليعبث فيه أو ليرمي به من الشرفة إلى بيت الجيران ويقوم البيت ويقعد لحين العثور عليه بعد ثورة عارمة من أبي، فعليه أن يظهر فيه أمام الناس فمن المعيب أن يخرج دون طربوشه. ‏

كما أن جنازة الميت كانت تحمل على الأكتاف ولم تكن السيارات قد انتشرت بعد التشييع فكانت جنازة الرجل تحمل طربوشه إذا كان رجلاً عادياً وتحمل عمامته إذا كان عالماً وكانت هناك لفة تسمى(لام ألف)وهي قطعة قماش مزركشة باللون الأصفر مع الأبيض تحيط بالطربوش يعتمرها عادة الرجل المتدين وهي تعبر هنا عن أن الميت رجل ذو مكانة اجتماعية خاصة. ‏

وكان لون الطربوش أحمر بدرجات متفاوتة وله(طرة)تزينه سوداء اللون، موضع تلك الطرف خلف الرأس، ولكن حينما كان الرجل يظهر وطرة طربوشة إلى الأمام(نحو الوجه)فذلك للتعبير عن شدة غضبه، وعندما كان يراه أهل بيته بهذا المنظر كانوا(يتوضوا باللبن)وهو تعبير دمشقي بأنهم يحسبون حساباً لثورته وغضبه فلا يكلمه أحد حتى تهدأ تلك الثورة. وحين يتسخ الطربوش كان هناك مختصون بتنظيفه يسمى واحدهم(كوى الطرابيش)وهي مهنة انقرضت الآن. ‏

وحين يتقادم العهد على الطربوش كان يقص بعرض 2سم أو أكثر على دائرته وتلف تلك القطع على شكل دوائر تسمى(السركي)ولانعرف أصل هذه التسمية كان(السركي)يستعمل لتنظيف السبورة من الطبشور يغرز فيه دبوس لكي يكون متيناً وكم قمت وأنا في المرحلة الابتدائية بتنظيف السبورة بذلك(السركي) قبل قدوم معلمتي لكي تراها نظيفة لكسب رضائها ولشعوري بأن معلمتي محترمة وتستحق مني كل تقدير. ‏

وهكذا سردت لكم بعض ما قالوة عن الطربوش فى دمشق وأخص أهلها بالذات كان عندهم من العادات والتقاليد التي يتمسكون بها، ولكن هذه الظاهرة تلاشت مع مرور الأيام وتغير المفاهيم فلكل زمان دولة ورجال. ‏