وتعاون كل من الأخوين إدموند وجولز دو كونكور على كتابة جرميني لاسيرتو (1864م)، وهي رواية كئيبة عن فتاة خادمة غاصت في حياة الرذيلة. ولكن هذين الأخوين عرفا أكثر بسبب مؤلفهما جورنال الذي سجلا فيه الحياة الأدبية والاجتماعية في باريس في الفترة مابين عامي 1851 و1896م.
أما هنري بيك فكان أشهر كتاب المسرحيات الطبيعية. وكانت روايته النسور (1882م) اكتشافًا مريرًا للخلق الإنساني القاسي.
ولم يتوقف دور هيبوليت أدولف تين عند حدود النقد الأدبي، بل كان أيضًا في مقدمة أولئك الكتّاب. وكان تين قد وضع رؤيا أدبية يمكن تلخيصها في: العنصر الإنساني، والبيئة، واللحظة. أما العنصر الإنساني فإنه يشير إلى وراثة المؤلف، وأما البيئة فإنها بيئة المؤلف، وأما اللحظة فإنها تمثل حالة التقاليد الفنية التي عمل فيها المؤلف. ووفقًا لنظرية تين فإن هذه العوامل الثلاثة تحكم الإبداع الأدبي.
الرمزية
كانت الرمزية الفرنسية حركة أدبية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. واستعمل هذا المصطلح أيضًا للدلالة على عدد من الكتاب الفرنسيين الذين لا ينتمون إلى هذه الحركة بعينها.
وكان أهم شخصيات الحركة الرمزية هم الشعراء شارل بودلير، وستيفان ملارميه، وبول فيرلين، وآرثر رامبو. وكان هؤلاء يريدون أن يحرروا تقنيات الشعر من الأساليب التقليدية لإيجاد تراكيب من الشعر تتمتع بحرية أكبر. وكان هؤلاء الرمزيون يرون أن الشعر يجب أن يأتي بمعانٍ جديدة من خلال الانطباعات والإيحاءات والمشاعر بدلاً من وصف حقائق موضوعية. ويلاحظ أن كثيرًا من شعر هؤلاء الرمزيين شخصي يكتنفه الغموض.
كان شارل بودلير هو السابق للرمزية. وكان ديوانه أزهار الشر (1875م) مجموعة من نحو 100 قصيدة. ويعكس هذا الانتاج الأدبي رؤيا بودلير الكئيبة عن الإنسانية وشرورها. ولكنه قال مع ذلك بأن للإنسانية قدرتها على إبداع الجمال الشعري.
أما ستيفان ملارميه فقد كان أول شاعر رمزي مشهور. وكان يأمل في أن تتمكن اللغة الشعرية من بلوغ الحقيقة المطلقة. وهناك صعوبة في فهم أعماله الأدبية بسبب تراكيبها غير العادية وكلماتها العلمية المحضة واستعاراته الفضفاضة ومادة موضوعاته المعنوية. وتعتبر قصيدة بعد ظهر فون (1876م)، أحد آلهة الحقول والقطعان في الأساطير الرومانية القديمة؛ أكثر قصائده الشعرية شهرة.
ألف بول فيرلين شعرًا غنائيًا لطيفًا أنيقًا موسيقيًا. وقد حاول في ديوانه أغان بلا كلمات (1874م) أن يصوِّر إحساسًا بالموسيقى في شعره.
وكان آرثر رامبو صبيًا عبقريًا، نظم شعرًا غاية في الأصالة وهو في السادسة عشر من عمره. وعندما بلغ التاسعة عشر ألف رامبو موسم في الجحيم (1873م) وكان هذا العمل مجموعة من النثر والشعر تتناول سيرته الذاتية، وكانت تصف تجاربه النفسية المعذبة.
لم يكن هناك من الروائيين أو كتاب المسرحيات من يضارع الشعراء. مع ذلك، فإن المسرحيات الرمزية الحالمة التي ألفها موريس ميترلينك قد جذبت بعض الانتباه. وكان ميترلينك مؤلفًا بلجيكيًا، ولكنه كان يكتب باللغة الفرنسية.