قامت بتأليف هذا الكتاب الناقدة الانجليزية ماري ف. ساندرز المختصة بتاريخ الادب الفرنسي عموما واعمال الروائي الشهير بلزاك على وجه الخصوص ، وهي تقدم للقاريء الانجليزي هنا خلاصة عامة عن حياة هذا الاديب الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ولايزال، ففي اثناء العطلة الصيفية كثيرا ما يصطحب الفرنسي معه الى شواطيء البحار او اعالي الجبال الروايات الخالدة لهذا الكاتب الذي لا يمل.
فمن هو هذا الروائي لا يتردد البعض عن وصفه بأنه اهم او اكبر روائي في العالم؟ ومن هنري دو بلزاك وهذا هو اسمه الكامل في مدينة تور الواقعة على نهر اللوار وسط فرنسا وكان ذلك في عشرين مايو من عام 1799 وقد ولد قبل بضعة اشهر من قيام نابليون بونابرت بانقلاب ادى الى اغلاق مرحلة الثورة الفرنسية وبداية عهد جديد بقيادته.
وكان الولد البكر لعائلة تجسد الطفرة النوعية والاجتماعية التي اصابت فرنسا في ظل الثورة الفرنسية والنظام الامبراطوري البونابرتي ، فوالده كان من اصل فلاحي وكان سيبقى فلاحا فقيرا الى ابدالدهر لولا حصول الثورة الفرنسية التي قضت على الاقطاع والارستقراطية واتاحت للفلاحين او لبعضهم ان يصبحوا برجوازيين ويحلوا محل الطبقات المسيطرة سابقا.
ثم تزوج والده وهو في الخمسين من بنت احد التجار الباريسيين الاثرياء ارتفعت قيمته اكثر واستطاع ان يمحو اثار اصوله الفلاحية المتواضعة لكي يلتحق بركب الطبقة الصاعدة طبقة البرجوازية ثم عرف والده بذكائه ودهائه كيف يصبح تاجرا يقدم المعونة لجيوش نابليون قبل ان يلتحق بالادارة العسكرية ويصبح موظفا محترما.
ليس غريبا اذن ان يكون ابنه الروائي قد وصف في رواياته هذه الانقلابات الاجتماعية التي طرأت على فرنسا اثناء الانتقال في العهد الملكي القديم الى العهد الثوري او الجمهوري الجديد. فالكوميديا البشرية التي الفها بلزاك مليئة بالشخصيات التي تشبه والده شخصيات طموحة عرفت كيف تركب السلم الاجتماعي لكي تصعد في المراتب وتنسى اصولها الأولى التي لم تعد تليق بها.