الخطا والصواب شتان مابينهما والنفاق ثالثهما

هيام · 03-23-2010, 05:59 PM

ما دامت الحدود بين الخطأ و الصواب
وما دامت الحقيقة الكاملة لا تظهر للناس بصوره واحدة

فلا مفر من أن يمضى كل منا حتى النهاية وراء صوابه، وراء حقيقته......................

حقيقة لا أدري من أين ابدأ في طرح هذا الموضوع ..

يحتار المرء بالفعل من أي الجهات يطرق هذا الموضوع .. لانه موضوع لايكاد

يسلم منه أحد ولذلك سيكون استيعابه صعبا لانه قد حجز له مكانا في

نفوسنا وأصبح من صميم عاداتنا ..

( المجاملة والنفاق ) لسان حال مجتمعنا اليوم الا من رحم الله .. قليلون هم

الذين لا ينتهجون هذا الأسلوب في تعاملهم مع الطرف الاخر والا فالاغلبية

الساحقة من الناس أصبح لهم هذا النهج من ضرورات الحياة التي لا مناص

لهم عنها ..

تجده ينافق مع هذا ويجامل ذاك .. وكل ذلك يعمله لسبب أو لغير سبب .
.
كل مافي الأمر بالنسبة له انها عادة تجذرت في أعماقه وتغلغلت في

كيانه حتى أصبح فرضا عليه ممارستها .. وأنا حينما أطرق هذا الموضوع

اشعر بان الكل اصلح مصابا بهذا المرض
الا فئة نادرة هناك تحلق في الاعالي بعيد عن عالمنا بكل قبيح فيه ..

غير هؤلاء المختارون الكل مبلي به على تفاوت في درجة الاصابة .

المجتمع يفرض علينا في أحيان كثيرة أن ننتهج هذا الأسلوب .. فمن له

أدنى مصلحة عند أحد لابد وان يجامله ويتملق له حتى يقضي له مصلحته .
.
وفي أوقات أخرى كثيرة لايكون هناك أدنى مبرر لنهج هذا الاسلوب غير

انه كما أسلفت قد أصبح عادة متغلغلة في النفوس ..

هذه العادة القبيحة ليست حكرا على مجتمعنا فقط بل قد أصيب

بها كل مجتمع وأصبح لعنة تطارد الجميع في كل مكان .

أعتقد ان مجتمعاتنا ستكون أفضل بكثير من غير تملق ونفاق .. ولا أعتقد

اننا سنفقد شيئا بغيرهما على العكس تماما سنكسب الكثير .. سنكسب احترام

بعضنا وقول الحق في وجه من كان وسيكون المجتمع أنظف وأطهر

وسيسير الى بر الامان ..

لا أقصد عندما أقول مجاملة ما يدور بين الناس من كلام جميل وسؤالهم عن

أحوالهم وأخبارهم فهذا شئ جيد وتواصل جميل بين الناس .. ولكن ما أقصده

المجاملة الخارجة عن النص التي تدخل في باب التملق والنفاق لمجرد مصلحة

عابرة وبمجرد قضائها يشتم ويلعن ونسي ما كان يقوله بالامس لانه كان من

هذا الباب الذي نتحدث عنه .

المسألة أصبحت خطيرة وعم بها البلاء وعلاجها لن يكون هينا ولكن كل منا

مسئول عن نفسه وعن من يعول والنصح لبقية المسلمون في ترك هذا الباب

الرذيل حتى نقلل من خطر استفحال هذه العادة القبيحة ونكون مجتمعا نظيفا

من هذه العيوب .

توقفت كثيرا عند هذه الأسطر للأديب يوسف السباعي في رائعته .. " ارض النفاق "

حيث كان يتحدث عن قصة خياليه
يقابل فيها رجلا مسنا يبيع " الاخلاق " في زجاجات وعلب
وقد حاول ذلك الرجل ان يبيعه مسحوقا للشجاعة او للتواضع ، او .. او ..
الا ان الكاتب اصرّ على ان يشتري مسحوق الصدق رغم معارضة البائع ورفضه التام !!!
مما جعله يخطف هذه الزجاجة من البائع المسن
الذي عجز عن منعه من سكب محتويات هذه الزجاجة في النهر .
وعندما دخل الكاتب المدينة ليرى آثار فعلته .. رأى اضطرابا شاملا وفوضى عارمة ،
بعد ان سقطت اقنعة النفاق والرياء والمجاملات الكاذبة ،
وظهرت المشاعر والعواطف على حقيقتها وبدأ كل انسان يعامل من حوله بصدق وصراحة ،
مما اوقع البلد في دوامة عاصفة ..
وقد جعله ذلك يندم على القائه مسحوق الصدق في النهر الذي يشرب منه جميع الناس ..
و يعود الى البائع معتذرا نادما يلتمس منه الحل لهذه المصيبة الكبرى … مصيبة الصدق .

وكان سبب توقفي عند هذه الأسطر هو سؤال حيرني كثيرا ..
تخرج منه عدة أسئله لا تقل في حيرتها عن اساسها

هل هذا صحيح ؟
هل نحن لا نستطيع ان نتعايش الا بأقنعة كثيفة من الأكاذيب والمجاملات والنفاق
تغطي مشاعرنا الحقيقية تجاه هذا او ذاك من الناس ؟
وما قيمة هكذا حياة نقضيها في خداع بعضنا ؟
وما المانع من مصارحة الاخرين بارائنا فيهم ؟

اننا نقدم اعذارا واهية وتبريرات ضعيفة لاكاذيبنا وخداعنا ..
نحن لا نريد ان نكسر قلب فلان .. ولا نريد ان نجرح علان ..
وكأننا اناس صالحون لا نريد ان نسئ الى احد ..
وكأن الصدق هو فقط ان نقول للاعمى انت اعمى وللفقير انت فقير وللابله انت ابله ..
وان كان ذلك في الحقيقة هو الصدق الوحيد الذي نمارسه ولا نخاف من عواقبه
ما دام الشخص الذي نصارحه شخصا مسكينا لا يستطيع ايذائنا او محاسبتنا .

والحقيقة يا سادة هي غير ذلك مع الاسف ….
الحقيقة هي ان مصالحنا الصغيرة وانانيتنا الضيقة
هي التي تجعلنا نجامل هذا وننافق ذاك
خوفا من اثارة عدائهم ولفت انتباههم الى عيوبنا وسلبياتنا ونقائصنا
التي بنينا عليها حياة الاكاذيب التي نعيش عليها ونموت فيها ،
متجاهلين اننا ندفع ثمنا فادحا لا يعوض بكل كنوز الارض ..
الا وهو احترامنا لانفسنا

03-23-2010, 05:59 PM	المشاركة رقم: 1
الكاتب هيام بواب نشط المعلومات التسجيل: Mar 2010 العضوية: 35 المشاركات: 100 بمعدل : 0.02 يوميا التوقيت الإتصال	المنتدى : الباب العام الخطا والصواب شتان مابينهما والنفاق ثالثهما ما دامت الحدود بين الخطأ و الصواب وما دامت الحقيقة الكاملة لا تظهر للناس بصوره واحدة فلا مفر من أن يمضى كل منا حتى النهاية وراء صوابه، وراء حقيقته...................... حقيقة لا أدري من أين ابدأ في طرح هذا الموضوع .. يحتار المرء بالفعل من أي الجهات يطرق هذا الموضوع .. لانه موضوع لايكاد يسلم منه أحد ولذلك سيكون استيعابه صعبا لانه قد حجز له مكانا في نفوسنا وأصبح من صميم عاداتنا .. ( المجاملة والنفاق ) لسان حال مجتمعنا اليوم الا من رحم الله .. قليلون هم الذين لا ينتهجون هذا الأسلوب في تعاملهم مع الطرف الاخر والا فالاغلبية الساحقة من الناس أصبح لهم هذا النهج من ضرورات الحياة التي لا مناص لهم عنها .. تجده ينافق مع هذا ويجامل ذاك .. وكل ذلك يعمله لسبب أو لغير سبب . . كل مافي الأمر بالنسبة له انها عادة تجذرت في أعماقه وتغلغلت في كيانه حتى أصبح فرضا عليه ممارستها .. وأنا حينما أطرق هذا الموضوع اشعر بان الكل اصلح مصابا بهذا المرض الا فئة نادرة هناك تحلق في الاعالي بعيد عن عالمنا بكل قبيح فيه .. غير هؤلاء المختارون الكل مبلي به على تفاوت في درجة الاصابة . المجتمع يفرض علينا في أحيان كثيرة أن ننتهج هذا الأسلوب .. فمن له أدنى مصلحة عند أحد لابد وان يجامله ويتملق له حتى يقضي له مصلحته . . وفي أوقات أخرى كثيرة لايكون هناك أدنى مبرر لنهج هذا الاسلوب غير انه كما أسلفت قد أصبح عادة متغلغلة في النفوس .. هذه العادة القبيحة ليست حكرا على مجتمعنا فقط بل قد أصيب بها كل مجتمع وأصبح لعنة تطارد الجميع في كل مكان . أعتقد ان مجتمعاتنا ستكون أفضل بكثير من غير تملق ونفاق .. ولا أعتقد اننا سنفقد شيئا بغيرهما على العكس تماما سنكسب الكثير .. سنكسب احترام بعضنا وقول الحق في وجه من كان وسيكون المجتمع أنظف وأطهر وسيسير الى بر الامان .. لا أقصد عندما أقول مجاملة ما يدور بين الناس من كلام جميل وسؤالهم عن أحوالهم وأخبارهم فهذا شئ جيد وتواصل جميل بين الناس .. ولكن ما أقصده المجاملة الخارجة عن النص التي تدخل في باب التملق والنفاق لمجرد مصلحة عابرة وبمجرد قضائها يشتم ويلعن ونسي ما كان يقوله بالامس لانه كان من هذا الباب الذي نتحدث عنه . المسألة أصبحت خطيرة وعم بها البلاء وعلاجها لن يكون هينا ولكن كل منا مسئول عن نفسه وعن من يعول والنصح لبقية المسلمون في ترك هذا الباب الرذيل حتى نقلل من خطر استفحال هذه العادة القبيحة ونكون مجتمعا نظيفا من هذه العيوب . توقفت كثيرا عند هذه الأسطر للأديب يوسف السباعي في رائعته .. " ارض النفاق " حيث كان يتحدث عن قصة خياليه يقابل فيها رجلا مسنا يبيع " الاخلاق " في زجاجات وعلب وقد حاول ذلك الرجل ان يبيعه مسحوقا للشجاعة او للتواضع ، او .. او .. الا ان الكاتب اصرّ على ان يشتري مسحوق الصدق رغم معارضة البائع ورفضه التام !!! مما جعله يخطف هذه الزجاجة من البائع المسن الذي عجز عن منعه من سكب محتويات هذه الزجاجة في النهر . وعندما دخل الكاتب المدينة ليرى آثار فعلته .. رأى اضطرابا شاملا وفوضى عارمة ، بعد ان سقطت اقنعة النفاق والرياء والمجاملات الكاذبة ، وظهرت المشاعر والعواطف على حقيقتها وبدأ كل انسان يعامل من حوله بصدق وصراحة ، مما اوقع البلد في دوامة عاصفة .. وقد جعله ذلك يندم على القائه مسحوق الصدق في النهر الذي يشرب منه جميع الناس .. و يعود الى البائع معتذرا نادما يلتمس منه الحل لهذه المصيبة الكبرى … مصيبة الصدق . وكان سبب توقفي عند هذه الأسطر هو سؤال حيرني كثيرا .. تخرج منه عدة أسئله لا تقل في حيرتها عن اساسها هل هذا صحيح ؟ هل نحن لا نستطيع ان نتعايش الا بأقنعة كثيفة من الأكاذيب والمجاملات والنفاق تغطي مشاعرنا الحقيقية تجاه هذا او ذاك من الناس ؟ وما قيمة هكذا حياة نقضيها في خداع بعضنا ؟ وما المانع من مصارحة الاخرين بارائنا فيهم ؟ اننا نقدم اعذارا واهية وتبريرات ضعيفة لاكاذيبنا وخداعنا .. نحن لا نريد ان نكسر قلب فلان .. ولا نريد ان نجرح علان .. وكأننا اناس صالحون لا نريد ان نسئ الى احد .. وكأن الصدق هو فقط ان نقول للاعمى انت اعمى وللفقير انت فقير وللابله انت ابله .. وان كان ذلك في الحقيقة هو الصدق الوحيد الذي نمارسه ولا نخاف من عواقبه ما دام الشخص الذي نصارحه شخصا مسكينا لا يستطيع ايذائنا او محاسبتنا . والحقيقة يا سادة هي غير ذلك مع الاسف …. الحقيقة هي ان مصالحنا الصغيرة وانانيتنا الضيقة هي التي تجعلنا نجامل هذا وننافق ذاك خوفا من اثارة عدائهم ولفت انتباههم الى عيوبنا وسلبياتنا ونقائصنا التي بنينا عليها حياة الاكاذيب التي نعيش عليها ونموت فيها ، متجاهلين اننا ندفع ثمنا فادحا لا يعوض بكل كنوز الارض .. الا وهو احترامنا لانفسنا