إضافة رد
قديم 03-27-2010, 02:33 PM   المشاركة رقم: 1
الكاتب
شاب كول
بواب نشط
المعلومات  
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 47
المشاركات: 100
بمعدل : 0.02 يوميا
التوقيت
الإتصال شاب كول غير متواجد حالياً


المنتدى : الباب العام
افتراضي الاحتراز و سوء الظن

الاحتراز وسوء الظن
بقلم / د. محمد بن عبدالله الشويعر


دائماً ما تكون الثقة بين الأهل والأقارب هي حزام الأمان لعلاقاتهم ببعضهم،
وإذا انعدمت تلك الثقة فإن تلك العلاقة يشوبها شيء من الجمود والركود.

وكلما تمكنا من ترسيخ الثقة في أنفسنا وفي أقرب الناس لنا،

فإن هذا يُعد نجاحاً كبيراً في حياتنا الأسرية والمهنية.

وسوء الظن في الآخرين خصلة من الخصال المذمومة التي نهى عنها الإسلام،

إذ يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (12) سورة الحجرات،
وإذا استشرى سوء الظن في الفرد فإن هذا يدلل على معاناته من خلل في سلوكياته، وإصابته بمرض خطير لا بد من معالجته.

وهناك اختلاف كبير بين الاحتراز وسوء الظن،

بيَّنه ابن قيم الجوزية في كتابه (الروح) قائلاً: «إن المحترز يتأهب ويستعد بأخذ
الأسباب التي بها ينجو من المكروه، مثل المسافر فهو يتحرز بجهده من كل قاطع طريق،
وكل مكان يتوقع منه شراً»،
إذاً الاحتراز ضروري للإنسان لأخذ الحيطة والحذر من كل مكروه قد يصيبه سواء كان في السفر أو الحضر.

أما سوء الظن فيقول ابن قيم الجوزية: « فإن الظن قد يخطئ ويصيب، وهو يكون من ظلمة القلب ونوره،

وطهارته ونجاسته، ولهذا أمر الله تعالى باجتناب كثيراً منه، وأَخبر أن بعضه إثم»،
وقد يصيب الإنسان في ظنه مرات، ولكنه قد يخطئ، ومن ثم يندم على ظنه السيئ وتقديره الخاطئ.

وكثيراً ما نسمع قصصاً كثيرة عن أصحاب الظن السيئ، وخصوصاً بين الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص،

ولعل وجود هذا الشيء يُعد طبيعياً في أغلب المنشآت العامة والخاصة،
بسبب التنافس الوظيفي الذي يحصل بين الموظفين في الترقيات والانتدابات وغير ذلك،
وإذا استشرى سوء الظن بين الموظفين فإنه يُفسد الود والمحبة، و يكدر الخواطر،
و يجلب النميمة والحقد فيما بينهم.

وهناك واقعة طريفة حصلت لأحد الموظفين في أحد القطاعات الخاصة،

حيث كان كثير الظن والشك في زملائه ولا يثق في كثيرٍ منهم، وذات يوم حصل منه خطأ إداري،
فخاف وارتبك من ردة فعل زملائه ومديره، فكان مكتبه قريباً من مكتب المدير العام،
فبدأ يراقب من يدخل مكتب المدير ومن يخرج منه، ظناً منه أن أحداً سيشي به،
وعندما خرج أحد الموظفين من عند المدير، سارع المدير وطلب الموظف السيئ الظن،
وعاتبه عتاباً شديداً على خطئه ورفع صوته عليه، بأنه سوف يكون عقابه الطرد من الشركة في المرة القادمة.

خرج الموظف وهو حزين للغاية، واتجه ظنه إلى آخر موظف خرج من مكتب المدير فظن بأنه هو الذي وشى عليه،

فقاطعه ولم يعد يتحدث معه، وأصبح يكرهه، وقد كان سوء الظن حاضراً لدى هذا الموظف
ولم يكلف نفسه بالتروي والتريث في إصدار الأحكام..

وفي أحد الأيام طلب المدير اجتماعاً مهماً لجميع الموظفين لإخبارهم خبراً سعيداً عن المنشأة،
وعندما اجتمع الموظفون التفت المدير إلى الموظف سيئ الظن
وقال له: الحمد لله أنني لم أستعجل في قرار فصلك حيث كان جاهزاً للتوقيع،
إلا أن زميلك دخل عليَّ قبلك وأقنعني بالعدول عن قرار فصلك في ذلك اليوم وقد امتدحك كثيراً،
مما جعلني أعدل عن قرار الفصل، فكان موقف هذا الموظف محرجاً للغاية أمام زملائه الموظفين
في تسرعه في الحكم على زميله، حيث كان له الفضل بعد الله في بقائه على وظيفته،
فالموظف سيئ الظن ذهب تفكيره في تلك اللحظة إلى «الشعور» بمعنى أنه جعل أحاسيسهُ هي التي تتصرف به،
وتصدر الأحكام في تلك اللحظة، ولكن لو ذهب تفكيره إلى «الفكرة نفسها»،
وفعّلَ العقل وناقش الفكرة نفسها داخل نفسه، وأنه هو المخطئ،
وربما أن المدير على علم مسبق قبل دخول زميله عليه، لما توصل إلى ذاك الظن السيئ بزميله،
لأن تحكيم العقل في جميع الأحيان هو الذي يرشدك إلى القرار الصحيح.

وهذا يدفعنا إلى شيء مهم وهو عدم التسرع في الحكم على الآخرين والتشكيك في من حولنا،

وإصدار القرارات السيئة ضدهم، مما يجعلنا نندم على اتخاذ تلك القرارات التي قد تؤدي إلى نتائج سيئة مع الآخرين.

وسوء الظن في بعض الأحيان قد يؤدي بصاحبه إلى الهلاك، ..!

وهذا ما حصل للشاعر عمارة اليمني عندما أراد صلاح الدين أن يحاكمه على أفعاله التي قام بها.

والشاعر عمارة اليمني قدم من اليمن إلى مصر أيام الدولة الفاطمية،

وعندما تمكن السلطان صلاح الدين الأيوبي من القضاء على الدولة الفاطمية سنة 567هـ-1172م،
حاول بعض بقايا الدولة الفاطمية من عمل انقلاب ضد صلاح الدين الأيوبي سنة 569هـ -1174م،
إلا أن ذلك الانقلاب كُتِبَ له الفشل وتم القبض على منفذيه، ومن ضمنهم الشاعر عمارة،
وعندما استفتى صلاح الدين القضاة في شأنهم أشاروا عليه بإعدامهم،
وأثناء تنفيذ حكم الإعدام جلس صلاح الدين ورجال دولته لحضور تنفيذ الإعدام،
وعندما مرَّ عمارة من أمام صلاح الدين،
قام القاضي الفاضل (وزير صلاح الدين) وهمس لصلاح الدين بشأن إطلاق سراحه،
فظن عمارة أنه يحرض على هلاكه، فقال لصلاح الدين: يا مولانا لا تسمع منه في حقي،
وكان بين عمارة وبين القاضي الفاضل عداوة من أيام الدولة الفاطمية..
فغضب القاضي الفاضل وخرج، فقال صلاح الدين لعمارة: إنه كان -والله- يشفع لك،
فندم عمارة على تسرعه وسوء ظنه في القاضي الفاضل، وكانت النتيجة فقدان حياته.

ومن هنا لا بد أن نحترز دائماً ممن حولنا، ولكن لا نشكك في الآخرين ونسيء الظن بهم،

بل نحسن الظن بهم و نلتمس الأعذار لهم حسب ما نستطيع لنتمكن من بناء علاقات إيجابية وفعَّالة مع الآخرين.

..

لكثرة سوء الظن في هذه الأيام أحببت أن نقرأ هذا الموضوع مع بعض و نستفيد نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
من احدى الصحف












عرض البوم صور شاب كول   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:48 AM بتوقيت مسقط

المواضيع فى منتديات البوابة ملك لصاحبها والادارة غير مسئولة عن أى محتوى مخالف وللتبليغ عن موضوع او رد مخالف اضغط هنا

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
تعريب شركة حاوى